الأحد، 3 أبريل 2016

نيشان في "اكابر " يعود بثقة وهدوء ويبتعد عن الغباء الإعلامي



بقلم//جهاد أيوب

  من الصعوبة ان تنجح في ظل هذا الغباء الإعلامي السائد وتحديدا في البرامج الحوارية وفي صناعة المذيعين، و بعد انقطاع عن الحوار الجدي و الفني المسؤول، والاصعب ان تستقطب المشاهد بعد خيبات أمله في برامج الفضائح والثرثرة والتخمة في صورة فضفاضة، لذلك حينما بدأ الاعلان عن " أكابر " الزميل نيشان على قناة  mtv لم نتصور انه سيخرج عن المألوف والسائد خاصة ان نيشان تخصص في تقديم الاسلوب المتبع في الاعلام الخليجي، أي البهرجة والاضاءة والالوان الهجينة والديكور الضخم والسؤال الشخصي بعيدا عن تحريك الفكر او الافادة للمشاهد وللضيف، نيشان الذي لفت إليه النقاد في بداياته، وفرض تعبه وثقافته وتميزه وخصوصيته عبر قناة "الجديد" اختلف عن نيشان كثيرا في  mbc، وايضا بعدها تاه وضاعت احلامه الإعلامية، واربكت تجاربه في فضاء الحشو الكلامي، وفرض عليه وعلينا الضيوف من قبل المحطة وتكرارهم حتى الملل، وكنا قد تناولناه بالنقد المباشر والقاس واحيانا جرحناه دون ان نسيل الدماء لخوفنا عليه، ولمعرفتنا بما لديه من امكانيات تؤهله لنجومية اعلامية نادرة..ومع كل انتقاد كان نيشان يتقبل النقد مهما كان قاسيا، ويشكر ويصر ان يستفيد مع انه مدرس في الجامعة لمادة الإعلام، وهذه الناحية لم تعد موجودة وتصب لصالحه مها اختلفت معه وعليه، ومرض الغرور اضاع الكثيرين، وجرثومة الشهرة قضت على الغالبية بينما نيشان لم يكن كذلك، صحيح غير من اسلوبه وطريقته وسؤاله، وقدم لنا ضيوفه على طريقة "الخوش بوشية" والدلع والفوضى مما اضعف طموحاته وجعلنا نأسف ونتأسف!

عودة نيشان في " اكابر " هي التحدي بكل انواعه، تحدى ذاته في ان يعود إلى القيمة في مسؤولية الحوار، تحدى الاعداد المختلف وبأن لا يشبه السائد، تحدى ما هو مطروح من سخافة وتسطيح وفبركات، تحدى من راهن عليه بالفشل وبأنه سيكرر ما وصل إليه، تحدى المشوار والاجيال التي جاءت من بعده وقطفت الشهرة...هذه الامور قد تعيق من ليس لديه ثقة بالنفس، وتبعده عن المغامرة وربما عن تقديم ما هو جديد، بينما نيشان اصر ان يكون المغامر الاول دون الالتفات إلى ما تركه خلفه، وما ناله من شهرة وخفوت واقاويل وحروب وصبيانيات الكار الواحد وما سيصيبه!

" اكابر " في الحلقة الاولى كان مربكا رغم وضوح الخطوط الاوليه له، ونيشان كرر ذاته في بعض الفقرات لكنه وبسرعة حاول الخروج فقط عابه تقطيع السؤال بشكل مزعج كما لو كان ارتجاليا او طارحه في بداياته " وأوأ و تأتأ "، وما ان جلس مع مخرجه وفريق عمله ووضع نقاط الضعف قبل النجاح كانت الحلقات المقبلة بأختلاف ومسؤولية، وكل من يستضاف في " اكابر " يكرم دون منه بل لمشواره واختلاف تميزه، هذه الغاية الاساسية من فكرة البرنامج، والاهم ان ايجابيا نيشان اكثر وتحسب له وتجعله سيد مكانه...نيشان في " اكابر " يقدم تجربة ناضجة بحوار شفاف بعيد عن الابهار ضمن حلقة منوعة تخدم الضيف، وتعطي قيمة للبرامج الحوارية، ولا ننكر ان لدينا تخمة في هكذا برامج الا ان نيشان تنبه لذلك فجعل فقراته مختلفة ومنوعة يضاف اليها الجانب الانساني، يدخل في نجاحات الضيف، ومن ثم مواقف حساسة ساهمت في طرح اشكاليات، وايضا رأيه بأمور الساعة وبالسياسة ورجالاتها، ولا ينسى الوقوف عند بعض الرموز التي صنعت مدماكا لهذا الوطن.
ركز نيشان على ان لا يكرر نيشان الذي الفناه وانتقدناه، اغنى مادته بالاعداد الشامل، لم يتعمد ارباك الضيف، وتعلم من اخطاء الحلقة الاولى شكلا ومضمونا وحوارا، وقد تكون حلقة الكبير انطوان كرباج اكبر دليل على صحة ما نشير، الحوار مع كرباج اليوم ومباشرة من اصعب ما يكون وهو ما يعانيه من مرض في الذاكرة والعمر، ومع ذلك لم يتشاطر عليه نيشان، ولم يستغله سلبيا او يوقعه في شرك الذاكرة بل اخذ منه ما يجعلنا نتعلم منه، ونبقيه في القمة التي يستحقها بعد هذا العمر وهذه التجربة الكرباجية القيمة.
هنا ملعب نيشان الذي خرج من عقدة نجم الصف الاول وخرج بنجاح من عقدة النجوم العرب، وهنا قدرته على ان يكون اكثر حرية، وهنا باستطاعته ان يطل نجما واعيا ومثقفا يفرض حضوره وينال التحية، عودة نيشان إلى شاشات لبنان مكسبا للفضاء العربي، ونجاحا له، واشكالية محلية نحتاجها وتفرضه على الاخرين احببناه او لم نحبه.. نيشان في " اكابر " حتى الان حوارات الاكابر ومسؤلية في ان نحاور الاكابر، ونأمل ان يحافظ على هذا المستوى ولا يفرض علينا صغائر الفن والسياسة والمجتمع بحجة تسويقهم إلى عالم الاكابر وهم من ذلك براء!

الكاتب:

0 التعليقات: